د. عمر عبد العزيز العاني*عضو المجمع الفقهي الأوربي المستقل للدراسات المالية الإسلامية
CIFIE
أستاذ الاقتصاد الإسلامي جامعة البحرين
خلاصة البحث
وقف البحث على واحدة من المعضلات الاقتصادية التي تتعرض لها بعض الدول وهي مشكلة عجز الموازنة.
وقد حاول الباحث الوقوف على ما هية هذه المشكلات والسباب التي أدت إلى حدوثها ، وقد بدا ان ذلك يعود إلى أمرين:
1 – زيادة النفقات.
قلة الإيرادات.
وقد شملت هذه الأفكار المقدمة التمهيدية . وبعد هذه المقدمة كانت أفكار البحث منصبة على التشريعات المالية غير المنصوص عليها في الشريعة الإسلامية وأثرها في معالجة عجز الموازنة.
وتم تقسيمها وفق المؤشرات الآتية:
المؤشر الأول : التوظيف 0الضرائب الأدلة) وما يتعلق به من المعنى ، والتكيف الفقهي ، وشروطه ومقداره ، ومصارفه ، والقواعد العامة التي تحكمه.
المؤشر الثاني : وقد خصص للقروض العامة التي تعقد بين الدولة والأغنياء من سكانها وهي ما تعرف بالقروض الداخلية ، وما يتعلق بهذا المؤشر من شروط ، ودواع ، وضوابط ، وكيف وجهها الفقهاء.
المؤشر الثالث : بحث الإصدار النقدي وما فيه من أضرار ، وما يتضمنه من منافع، أخذا بالمنافع بضوابطها وقيودها لتؤدي دورها في مواجهة عجز الموازنة ، مع اقتراح نموذجين لتلافي أضرار الإصدار النقدي.
ثم الخاتمة التي ختمت البحث بالدعوة إلى تفصيله والوقوف على دقائقه ، والإحاطة بمسائله.
والحمد لله أولا وآخر.
المقدمة
(الحمد لله سلام على عباده الذي اصطفى)
وبعد : فهذه مباحث لا تعدو أن تكون مؤشرات ، ولا تعدو هذه المؤشرات أن تكون نظرية وعامة . كتبتها – على تزاحم الواجبات ، وتراكم الشاغلات – استجابة لتكليف جامعة البحرين إياي – وأنا أحد منتسبيها – للتقدم به إلى المؤتمر العالمي الخامس للاقتصاد الإسلامي ، وأرجو أن تكون حسنات البحث مشكورة ، وسيئاته مغفورة ، فهو على خطره وطوله ، وتشعب مسائله وفصوله ، جاء مختصرا على هذه الصفحات ، ومقتصرا على هذه المؤشرات ، وأني لأعلم كم فاتني منه من مهمات الأفكار ، وما لا يدرك كله ، لا يترك جله ، وحسبي أنني اجتهدت في كتابته مؤثرا إياه على ساعات الراحة ، وفرص الاستجمام ، والله من وراء القصد ، وهو الهادي إلى سواء السبيل.
مشكلة البحث وهدفه :
يمكن إدراك مشكلة البحث من خلال نظرة سريعة للتقلبات الاقتصادية في العالم – وهي كثيرة متنوعة – وعجز الموازنة واحد من كبريات هذه المشكلات الاقتصادية ، ومشكلة البحث تدعونا للوقوف على رأي الاقتصاد الإسلامي في تقديم الحلول والمقترحات لهذه المستجدات ، وأصولها في تراث ما كتبه فقهاؤنا الأذكياء . بعد أن تجاوز الاقتصاد الإسلامي مؤامرة الصمت التي تركت آثارها في عالمنا الثقافي والعلمي قبل صحوة الفكر ، وانتباهة الوعي.
منهج البحث:
حاول البحث المحايدة بين لغة الفقهاء ومصطلحاتهم وأسلوب الاقتصاديين وتحليلاتهم وأرجو لهذه المحايدة أن تكون قد قربت البعيد ، وأوصلت المنقطع.
وثمة نقطة جوهرية وهي اقتصار البحث في مؤشراته على المعالجات التي هي من قبيل السياسة الشرعية المنوطة باجتهاد الدولة ، واستبعاد المعالجات المنصوص عليها في التشريعات المالية الإسلامية كالزكاة والخراج والوقف وغير ذلك مما هو منصوص عليه في أصول التشريع الإسلامي . وذلك انطلاقا من مواجهة عجز الموازنة هو إجراء استثنائي طارئ يضاف على الإيرادات الدورية وغير الدورية للدولة . ولعل هذا الاقتصار ضرب من الاجتهاد الذي تتسع أمامه وجهات النظر .
مقدمة التمهيدية
عجز الموازنة
تعريفه وأسبابه
أولا : تعريفه : يقصد به زيادة النفقات على الإيرادات في موازنة الدولة العامة . بحيث لا تستطيع الإيرادات سداد النفقات العامة.
ومن خلال هذا التوضيح يتبين ان مستوى النفقات هو المعيار في تحديد حجم العجز وطبيعته – غالبا
ثانيا : أسباب عجز الموازنة
يتضح من التعريف أن سبب العجز أمران وهما :
1 – زيادة النفقات
2 – قلة الإيرادات فإلى شيء من التوضيح
زيادة النفقات :
تخضع زيادة النفقات لنمط الاستهلاك الذي يسود المجتمعات ، ووظائف الدولة الحديثة وواجباتها الاقتصادية لها اثر في زيادة النفقات ، فمن تحقيق الرفاه للمجتمع إلى دعم التقدم العلمي ، وتقديم خدمات التعليم والثقافة والصحة إلى غير ذلك من مهمات التمدن الحديث ، وإلى إشارة سريعة إلى الأسباب في زيادة النفقات:-
– النمو السكاني : ويتطلب هذا السبب توفير خدمات البني التحتية كالجسور ، وشبكات الري ، والصرف الصحي والمواصلات ، والكهرباء ، ولا يخفى حاجة هذه المشاريع المهمة إلى النفقات
– زيادة نفقات الخدمة المدنية وبخاصة الرواتب والأجور .
– نفقات الأمن والدفاع والمجهود الحربي من نحو الصناعات الحربية وبرنامج التسليح – وهو إنفاق استهلاكي وما يتبع ذلك من فقدان العمران ، والخسائر والتدمير.
وقد ظلت الدول الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية تعاني من العجز في الموازنة العامة لدولها بسبب تزايد الإنفاق من أجل إعادة التعمير .
– تزايد أعباء خدمة الديون العامة الداخلية والخارجية المستخدمة لتمويل العجز في الموازنة ، فإن كثرة الاقتراض وتراكم الديون تجعل أعباء خدمة هذه الديون غير محتملة.
– وقد قاد النظام الحالي لقروض الفائدة الأقطار النامية إلى استدانة بلغ مقدارها 400 بليون دولار أمريكي بفائدة وقسط استهلاك تجاوزا 40 بليون دولار أمريكي في السنة ، ولم تتمكن ثلاثة عقود زمنية من التمويل بالدين من جعل الأقطار المدنية متكيفة ذاتيا ، ولم تتمكن من تحقيق فائض للوفاء بديونها ، وأن هذه القروض – في معظمها – قروض استهلاكية . وليست إنتاجية يمكن أن تعود غلتها إلى سداد هذه الديون ، ومثل هذه الزيادة في النفقات يؤدي – بلا شك – إلى حدوث في الموازنة .
– الظروف الطارئة من نحو الكوارث والزلازل والفياضانات . وهي تطلب نفقات إضافية للإغاثة والمعونة .
– شيوع ظاهرة التبذير والترف والاستهلاك العشوائي غير الهادف . ويعلل ذلك العلامة بن خلدون بالتعليق بأسباب التمدن المستلزم – عادة – هذا النمط الاستهلاكي ، وذهاب سر البداوة والسذاجة وخلقها من الإغضاء والتجافي على حد تعبيره .
قلة الإيرادات
وللقلة هذه أسباب عدة . منها : حالات الركود الاقتصادي ، وضعف معدلات التنمية الاقتصادية المستلزم انخفاض مستويات الدخل العام ، وعدم كفاءة الدولة في جمع المال العام وتحصيله .
ولعل فرض الضرائب غير العادلة من أهم أسباب قلة الإيرادات.
قال الماوردي : (ولا يستقصي في وضع الخراج غاية ما يحتمله ، وليجعل فيه لأرباب الأرض بقية يجبرون بها النوائب والحوائج) .
كما علل العلامة ابن خلدون قلة الإيرادات بسبب فرض الضرائب والرسوم الجائرة . فهي بطبيعتها تؤدي إلى القعود بالتنمية والاستثمار وتعطيل المشاريع الإنتاجية وذلك بالمقارنة بين ما سيجمعونه من أرباح وما سيدفعونه من ضرائب للدولة.
ويضرب ابن خلدون – مثلا – لهذه الفلسفة والتعليل ما حدث من ذلك في أواخر الدولة العباسية والعبيدية حتى أنها فرضت المغارم على الحجاج في المواسم، ومثلهم ملوك الطوائف في الأندلس (ويعود وبال ذلك على الدولة لأن فائدة الاعتمار عائدة إليها ، ويدرك الدولة الهرم فتضعف وتكسد الأسواق لفساد الآمال ، ويؤذن ذلك باختلال العمران ويعود ذلك على الدولة)
لمؤشر الأول
التوظيف (الضرائب العادلة)
هذا النوع من التشريع المالي الإسلامي لم تكن فيه إلزامية المفصلة عن الله ورسوله ، كما هو في الشأن في الزكاة .. وإنما تأتي إلزامية التوظيف أو الضرائب العادلة من جمال غير مفصل ، وعموم غير مخصص يمنح الدولة – بقيود محددة – صلاحية فرض الضرائب في حالات تمر بها البلاد.
وأساس فرض الضرائب يعود إلى المصلحة العامة التي لا بد من توافرها لقيام حياة الناس ومعاشهم وهي المصلحة الضرورية أو التي ترفع عنهم العناء والمشقة لتحقيق ذلك وهي المصلحة الحاجية.
ولتوضح هذا الأساس وما يتفرع منه من الأحكام لتحقيق المقصد المستهدف من التوظيف سنشير بمؤشرات عامة إلى الآتي:
أولا : معنى التوظيف : يدل التوظيف القيام بمهمة الوظيفة كما هو المعنى بين الدرس والتدريس ، والخوف والتخويف . وفي المعجمات العربية أن للوظيفة معنيين.
• تعني الكم المقدر من الرزق أو الطعام أو نحوه
• الإلزام بالشيء ، فيقال : وظف الشيء على نفسه ووظفه توظيفا الزمها إياه
ومن هنا يأتي مصطلح التوظيف في الفقه الإسلامي ويطلق لما يعرف اليوم بمصطلح الضريبة.
وفي الاصطلاح الفقهي فهو لا يعدو الجمع بين المعنيين في اللغة فنستطيع تعريفة بالآتي:
هو إجراء يلزم بموجبه الحاكم القادرين بفرض التزامات مالية عليهم لسد ضرورة أو حاجة مشروعة.
والتوظيف من حيث الإجراء يشبه الضريبة ، ومن حيث كونه مصطلحا فقهيا خالصا ، وله شروطه الخاصة ، فإني افضل استبداله بمصطلح الضريبة والإبقاء عليه.
ويقترح بعض الباحثين استخدام لفظ التوظيف للإجراء المذكور ، أما مصطلح الضريبة فللكم المفروض بهذا التوظيف .
ثانيا : التطبيق الفقهي للتوظيف
تقدم معنا أن أساس فرض التوظيف يعود إلى المصلحة العامة.
والمصلحة باعتبار أهميتها قسمان :
المصلحة الضرورية ، وهي :- التي لا تقوم الحياة إلا بها . وعليها ينبني مقصود الشريعة.
قال الإمام الغزالي : (المحافظة على مقصود الشرع في الخلق خمسة ، هو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم ).
• المصلحة الحاجية : ويقصد بها نفي الحرج ، ودفع المشقة غير المعتادة في الأحكام المشروعة للمحافظة على المصالح الضرورية الخمسة المذكورة .
فإذا لم تكفي الزكاة حاجات التكافل الاجتماعي ، ولم يكن في بيت المال ما يسد تلك الحاجات (عجز الموازنة) ، فرض الإسلام على أغنياء كل بلد أن يقوموا بالضروري لحاجات الفقراء الغذائية والمعاشية ومن تلك الضروريات استقرار الأمن العام في البلاد
قال الإمام الغزالي : (إذا خلت الأيدي من الأموال ، ولم يكن من مال المصالح (بيت المال) ما يفي بخراجات العسكر ، وخيف من ذلك دخول العدو بلاد الإسلام أو ثوران الفتنة من قبل أهل الشر جاز للإمام أن يوظف على الأغنياء مقدار كفاية الجند لأننا نعلم أنه إذا تعارض شران أو ضرران دفع اشد الضررين ، وأعظم الشرين) .
وقال الإمام الشاطبي : (أما إذا قررنا إماما مطاعا مفتقرا إلى تكثير الجنود لسد حاجات الثغور وحماية الملك المتسع الأقطار ، وخلا بيت المال، وارتفعت حاجات الجند إلى ما لا يكفيهم فالإمام إذا كان عادلا أن يوظف على الأغنياء ما يراه كافيا لهم في الحال إلى أن يظهر بيت المال . ثم النظر إليه في توظيف ذلك على الغلات والثمار وغير ذلك . وإنما لم ينقل مثل هذا عن الولين لاتساع بيت المال في زمانهم . بخلاف زماننا . فإن القضية فهي أخرى ، ووجه المصلحة هنا ظاهر ، فإنه لو لم يفعل الإمام ذلك بطلب شوكة الإمام ، وصارت دياره عرضة لاستيلاء الكفار .
ثم يشير الشاطبي غلا القاعدة الشرعية التي أشار إليها الإمام الغزالي فيقول( فإذا عورض هذا الضرر العظيم بالضرر اللاحق بهم – أي الأغنياء بأخذ البعض من أموالهم- فلا يتمارى في ترجيع الثاني على الأول وهو ما يعلم من مقصود الشرع قبل النظر في الشواهد .
وإنما لم تعمد الدولة في صدر الإسلام إلى فرض التوظيف لا لعدم مشروعيته ، وإنما لعدم حاجة الدولة إليه ، بمعنى أنها لم تكن تشكو من عجز في ميزانيتها . والإمام المفسر أبو عبد الله القرطبي يتلمس الدلالة على هذا التوظيف في تفسيره الآية الكريمة (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون) .
فيذهب القرطبي إلى أن قوله تعالى (وآتى الزكاة) غير المراد بقوله (وآتى المال على حجبه) وإلا كان ذلك تكرارا . واستدل بحديث شريف رواه ابن ماجة والترمذي أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – سئل هل في المال حق سوى الزكاة ؟ قال نعم : في المال حق سوى الزكاة ثم تلا قوله تعالى (ليس البر أن تولوا وجهوكم ) .. الآية المذكورة .
ووجه الدلالة أنه إذا نزلت بالمسلمين حاجة بعد أداء الزكاة فإنه يجب صرفها إليهم قال مالك – رحمه الله : يجب على الناس فداء أسراهم وإذا استغرق ذلك أموالهم وهذا إجماع أيضا .
ويمكن أن يستدل للتوظيف بدلالة القياس الجلي ومفاده : أن الإسلام شرع الجهاد لحماية الدولة والتشريع والحياة العامة ، والجهاد يستدعي بذل الرواح والدماء ، فلأن شرع بذل الدماء لذلك فغن بذل المال يكون مشروعا بالقياس الجلي أو كما يقال من باب أولى.
ثالثا : شروط فرض التوظيف
يشترط لفرض التوظيف لتغطية الإنفاق الضروري أو الحاجي شروط ومن أهمها ما يأتي :
• خلو خزانة الدولة وعدم كفاية ما فيها من أموال لتغطية هذه النفقات الضرورية أو الحاجية.
• أن يكون الإمام – الحاكم – عدلا . والعدالة المقصودة هنا يقتضي ديانة لا يشوبها فسق ظاهر ، مع التحلي بآداب المروءة اللائقة به.
• أن تأخذ من فضول أموال الأغنياء أولا قبل غيرهم . فالتوظيف إجراء استثنائي يتسلط على الأموال ، والاستثناءات تقدر بقدرها . فلا يتجاوز التوظيف حدود الكفاية لعامة الناس قبل البدء بفضول الأموال . والإمام الجويني يعرض في كتابه غياث الأمم في التياث الظلم المعروف بالغياثي رأيين للفقهاء في طبيعة التوظيف . هل هو نزع للملكية من الأفراد وصرفها في مصالح الجماعة . أو هو ضرب من ضروب القرض بين الدولة والأغنياء . فمع ترجيحه الأول لا يرى مانعا من جواز الثاني .
ولسنا بسبيل الترجيح بين القولين في الزامات هذا المؤشر.
وبخلاف هذه الشروط فليس ثمة مسوغ شرعي يبيح التوظيف ، وتعد الضرائب عندئذ من ضروب الظلم ، ولا سيما إذا كانت تدعم مصارف التحسينات، فليس من حق الحاكم بهذه الضرائب أن يقتني ذخيرة وكنزا ويتأمل مفخرة وعزا – كما يعبر الجويني .
رابعا : وعاء التوظيف ومقداره:
الضريبة في الفكر المالي الحديث تقع على الدخول والثروات والاستهلاك . والفقه الإسلامي – باختصار – يرى ان التوظيف يقع على الدخول والثروات . وفي هذا الصدد يقول الإمام الجويني : (يوظف الإمام على الغلات والثمرات وضروب الزوائد والفوائد من الجهات) .
أما الضريبة بسبب نمط الاستهلاك لبعض الأفراد فالفقه الإسلامي لا يجيز مصادرة الأموال باعتباره نوعا من العقوبات. على أن هذا المنع لم يكن محل اتفاق بين الفقهاء وإن كان راوي الأكثرين منهم وقد عرضنا لبيان ذلك مفصلا في غير هذا الموطن .
ولكن نرى الإمام الجويني مع ترجيحه عدم جواز مصادرة الأموال بسبب سوء التصرف الاستهلاكي إلا أنه جعل التوظيف على هذا النمط من الناس يدخل في الأولوية فيقول : (ليس في الشريعة أن اقتحام المآثم يوجه إلى مرتكبيها ضرورة المغارم) فلا يصح -في رأيه – نزع الملكية أو فرض الغرامات المالية على وجه العقوبة والتعزيز . ولكنه يقول في التوظيف (لا يبعد أن يعتني الإمام عند مسيس الحاجات بأموال العتاة ، وهذا فيه أكمل مردع ومقنع) .
ومثلما يكون التوظيف ببذل فضول الأموال يكون ببذل فضول المنافع والخدمات فتوظف دور الناس للسكنى وسياراتهم وآلاتهم وما شاكل ذلك.
أما مقدار التوظف : فبناء على تحقيق أهداف التوظيف فإن التشريع الإسلامي لم يحدد هذا المقدار بالنسبة المئوية أو بأي مقدار محدد آخر، وهذا لا يعني أن التحديد مناف لأهداف التشريع وإنما هو أمر فني يخضع اعتباره وعدم اعتباره إلى سياسة الدولة في تحقيق المصلحة من فقه التوظيف.
ونظرا لاختلاف الحالات فالفقه الإسلامي يربط مقدار التوظيف بنوع الحالة الموجبة له ويمكننا تقسيم ذلك وفق الآتي :
• إذا كانت الأزمة ليست عامة وبإمكان الموسرين مواجهتها فتوظف الدولة عليهم وحدهم ما يمكن به درء المخاطر.
• إذا كانت الأزمة عامة فيترك لكل موسر كفاية عام ويوظف عليه بما زاد على ذلك.
• وفي حالة كون الأزمة أكبر من ذلك ، فمن أجل ضرورة دفعها فإن للدولة الحق في توظيف ما تراه سادا للحاجة ، دارءا للضرر بالغا ما بلغ .
وفي هذا يقول إمام الحرمين الجويني : (لو استفزت بالمسلمين داهية ووقع– والعياذ بالله – حرم في ناحية لاضطررنا في دفع البأس إلى نفض أكياس الناس) .
خامسا : مصادر التوظيف : يتأسس الفكر المالي المعاصر على أن الأدوات المالية إيرادا ونفقة – وأهمها الضرائب – تؤثر في الاقتصاد القومي بطرق متعددة ، وتخدم عددا من الأغراض والأهداف ، وتجمع هذه الآثار على المستوى الكلي في ثلاث مجموعات أو ثلاث وظائف هي :
• وظيفة التخصيص
• وظيفة التوزيع
• وظيفة الاستقرار
وتقاس درجة كفاءة النظام المالي بمقدار ما يحققه في كل وظيفة من هذه الوظائف ، وتتفاوت النظم في ذلك تفاوتا واسعا .
ولا بد من الإشارة إلى ملحظ مهم وهو : أن هذه الوظائف من المنظور الإسلامي لا تقتصر على الضريبة فحسب وإنما هي من وظائف عموم التشريع المالي كالالتزامات المالية الثابتة (الزكاة ، العشور ، الخراج) وعموم ما يتعلق بالملكية.
ومن أهم الوظائف أو الوجوه التي تصرف إليها أموال التوظيف .. الآتي :
الجهاد في سبيل الله ، وحماية الأغراض ، والأموال ، والديار ، ورد غائلة الاعتداء، ومحاربة الإفساد والظلم.
سياسة إعادة التوزيع بسد حاجات المجتمع والبلوغ به إلى حد الكفاية فإذا لم يكف التوزيع من المرتبات والعطايا يصار إلى إعادة التوزيع ومنها الزكاة فإذا لم تكف يصار إلى التوظيف.
وفي حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( من كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له ومن كان له فضل فليعد به على من لا ظهر له فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه ليس لأحد حق في فضل) .
كفاية المصلحة العامة حالة حدوث أخطار كالفيضانات والزلازل والحرائق والجدب العام ، لإدراء الكوارث هذه بأموال التوظيف .
سادسا : القواعد العامة للتوظيف : هذا المؤشر بمثابة تلخيص للشروط والأحكام العامة للتوظيف ، ويمكننا تصنيف ذلك في الآتي :
• التوظيف هو آخر ما تلجأ إليه الدولة لسد العجز في موازنتها المالية فبعد أن تعجز التشريعات المالية الواجبة كالزكاة والعشور والخراج ، والتشريعات المالية الطوعية كالصدقات والأوقاف ، تلجأ الدولة إلى إجراء التوظيف حالة استثنائية.
• تأسيسا على ما سبق فإن التوظيف منحصر في حالة خلو خزانة الدولة من المال. وبخلاف ذلك فإنه يعد ضربا من التعدي على الملكية.
• لا يكون التوظيف إلا عند قيام ضرورة ملجئة أو حاجة ملحة يحقق دفعهما مصلحة معتبرة شرعا.
• ليس لأية سلطة في الدولة الحق في التوظيف دون الحاكم ويشترط في الحاكم أن يكون (مقيدا بمراسيم الإسلام مؤيدا بموافقة مناظم الأحكام) كما يعبر الجويني.
• بالنظر لخطورة التوظيف بمقدار معين بل هو مفتوح لما تحصل به الكفاية ، وتندرء به الأخطار ، وتندفع به الأزمات ، مهما استغرق من الأموال ، ويقدر ذلك بقدره باختلاف الأزمان والأماكن والحالات.
• يراعى التدرج في التوظيف فهو على الموسرين أولا ثم بعدهم حتى تحقيق المصلحة منه.
• يكون التوظيف على الدخول الفردية والثروات المخزونة ويشمل – أيضا – الخدمات العامة والمنافع المملوكة ملكا فرديا.
• للدولة الحق في الاجتهاد في ترتيب الأولويات التي تصرف إليها أموال التوظيف بحيث تحقق المصالح العامة .
لمؤشر الثاني
(القروض العامة)
***
إذا كانت النصوص الشرعية، وتحليلاتها الفقهية اسلمتنا إلى القول بجواز التوظيف، فإن القول بجواز القروض العامة تحكمه قواعد القياس الجلي. لأن القروض مآلها إلى المقاضاة وهي إرجاع القرض إلى صاحبه بالمثل إن كان مثليا وبالقيمة إن كان قيما.
أما التوظيف فهو استملاك لأصل المال من غير مقاضاة. وبهذا نتبين أن جواز القرض من باب أولى.
أولا – تعريف القرض العام: في اللغة يدل على القطع ومن أسماء القاطع المقراض ويدل على المجازاة بالإحسان والإساءة على السواء، وسمي القرض قرضا لكون المقرض اقتطع جزء من ماله للمقترض .
وأما في الاصطلاح: فلم أجد تعريفا للقرض العام – حسب إطلاعي – في المدونات الفقهية. وإنما كان التعريف مقتصرا. على القرض الخاص بين الأفراد ولا فرق جوهريا بين القرضين، من حيث الحقوق والالتزامات.
ويطلق العام على القرض الذي تعقده الشخصيات المعنوية كالدولة أو إحدى مؤسساتها من نحو الوزارات أو الهيئات أو المصارف، مع شخصيات معنوية مثلها أو مادية كأفراد الناس.
ووفي هذا المفهوم يمكننا أن نعرفه بما يأتي (عقد تبرمه الدولة أو إحدى هيئاتها العامة مع الجمهور أو مع دولة أخرى ، تتعهد بموجبه على سداد القرض عند حلول موعد السداد من السلطة المختصة) .
والفقهاء يطلقون على القرض بأنه عقد من عقود الإرفاق وهي التي يراد بها محض الإحسان من غير نفع مقابل. وبناء على ذلك فينبغي ملاحظة ما يأتي:
• اتفقوا على حرمة الفائدة الحاصلة من القرض بسبب القرض وهو ما يعرف في الفقه الإسلامي بالربا. والنصوص في ذلك أشهر من أن تذكر، ولا يخفى أن الفائدة تتعارض مع القرض من حيث كونه عقد إرفاق.
• اختلفوا في إلزام السداد في موعده المتفق عليه لأن تحديد المدة في القرض يتنافى مع مبدأ الإرفاق، مع إجماعه على وجوب مطلق السداد ( ).
ثانيا- دواعي القرض العام: لا بد للقروض العامة أن يكون الداعي إليها، والموجب لعقدها هو الضرورة القاهرة، أو المصلحة العامة الملحة. وقد تقدم معنا بيان ذلك في التوظيف.
فليس من الحصافة والحكمة أن تلجأ الدولة لسد عجز الموازنة إلى القروض فتصرفها في النفقات العامة العادية المتكررة، إذ أن ذلك من أسباب العجز المتقدم ذكرها، فلا يداوي الداء بمثله.
والأسباب الداعية للقروض العامة كثيرة، وللتمثيل يمكننا ملاحظة الآتي:
• دواعي الضرورة القاهرة كتعرض الدولة للعدوان الخارجي فتلجئها إلى تغطية نفقاتها العسكرية، ومواجهة المجهود الحربي، ومثل ذلك الكوارث الطارئة كالمجاعات، والفيضانات، والوباء العام.
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستقرض إذا جهز جيشا أو افتقر إلى مال .
• دواعي الحاجة الملحة كالنفقات الكبيرة التي تصرف في إنشاء البنى الارتكازية، والخدمات العامة، ومشاريع الاستهلاك الجماعي من نحو إنشاء السدود، وإقامة الجسور، وتعبيد شبكات الطرق العامة، ومحطات توليد الطاقة. فهذه المشروعات من المصالح الحاجية التي لا بد منها لتيسير الحياة، ورفع العناء والمشقة وكل ذلك من أهداف التشريع الإسلامي.
ولأهمية هذا الداعي فإن القروض بسبه لم تعد مجرد وسيلة ومن وسائل مواجهة عجز الموازنة بل هي – في الواقع – مورد مالي يمكن للدولة – لو أحسنت استخدامه – الاعتماد عليه لإقامة المشاريع الإنتاجية، والنهوض بالتنمية .
ونلاحظ أن القروض العامة في الدواعي السابقة لم تقتصر منافعها على الجيل المقروض، وإنما تعدت إلى الأجيال اللاحقة.
• معالجة بعض الانحرافات الاقتصادية وتقويمها عن طريق القرض ومن ذلك:
– استخراج المدخرات المكتنزة من خزائن الأفراد لأن الاكتناز يعطل وظيفة الأموال.
– محاصرة أخطار التضخم النقدي، فالقرض يقلل من القوة الشرائية، ويمنع وزيادة الطلب المؤدي إلى غلاء الأسعار . وعلى ذلك دلت نصوص الفقهاء. ومنها:
– قال الإمام الغزالي: (ولسنا ننكر جواز الاستقراض ووجوب الاقتصار عليه إذا دعت المصلحة إليه .
– قال الإمام الجويني: (… لست أمنع الإمام من الاقتراض على بيت المال إن رأى ذلك .. مهما اتفقت واقعة وهجمت هاجمة ..) .
– قال الإمام الشاطبي : (والاستقراض في الأزمات إنما يكون حيث يرجى لبيت المال دخل ينتظر أو يرتجى) .
– قال الإمام الماوردي: (… جاز لولي الأمر إذا خاف الفساد أن يقترض على بيت المال ما يصرفه في الديون دون الارتفاق ..) .
ثالثا – الأدلة على شرعية القرض العام: قال الله عز وجل : (وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم، من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون .
فالقرآن الكريم – هنا – ذكر القتال ثم أعقبه بالحض على القرض. ذلك لأن صد العدوان والدفاع عن الحقوق يستلزم بذلا كبيرا، ومصروفا باهضا من الأموال. والحث على الإنفاق – في هذه الآية – يراد به الإنفاق في المصالح العامة وهو شامل للتبرعات والقروض التي يقدمها الأفراد للحكومات .
وفي السنة النبوية الشريفة جاءت أحاديث تنص على أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد استلف من الأفراد لتمويل حاجة بيت المال. ومن ذلك:
• عن أبي رافع قال: (استلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بكرا فجاءته إبل من الصدقة. قال رافع: فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقضي الرجل بكره فقلت لا أجد في الإبل إلا جملا خيارا رباعيا فقال: أعطه إياه فإن خيار الناس أحسنهم قضاء) .
والقرض هنا ليس قرضا شخصيا وغنما هو قرض عام بدلالة أن الرسول – عليه الصلاة والسلام – أوفى القرض من مال الصدقة والصدقة لا تحل له عليه الصلاة والسلام ولا لآله – رضي الله عنهم.
والعلامة ابن حجر علق على هذا الحديث بقوله( يستدل به على أن للإمام أن يقترض على بيت المال لحاجة بعض المحتاجين … ) .
• أن النبي عليه الصلاة والسلام استلف من عمه العباس بن عبد المطلب على بيت المال.
ففي رواية الدار قطني: (إنا كنا احتجنا فتعجلنا من العباس صدقة ماله سنتين) وفي رواية (إن العباس قد أسلفنا زكاة ماله العام والعام المقبل) .
• استلاف النبي – عليه الصلاة والسلام- من عبدالله بن أبي ربيعه المخزومي بضعة عشر ألفا لتجهيز مؤنة غزوة حنين، فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين قدم عليه مال فدعا ابن أبي ربيعة فقال لهخذ ما أسلفت بارك الله في مالك وولدك إنما جزاء السلف المحمد والوفاء) ( ).
والأحاديث في فضل إعطاء الدين، والتيسير على المعسرين وقضاء حاجات المحتاجين كثيرة مشهورة. وهي تدخل في عموم ما نحن فيه من الاستدلال.
رابعا- الضوابط الشرعية للقرض العام: يمكننا من خلال النصوص الشرعية الآنفة، وأقوال العلماء في فهم عباراتها وإشاراتها ودلالاتها أن نستنتج شروطا وضوابط عامة تلزم الدولة بالتقيد بها في إجراء سياسية القرض العام. ومن أهم ما سنقف عليه هو الآتي:
• أن يكون القرض في حالة الضرورة القاهرة، أو المصلحة العامة الملحة – كما تقدم – مع خلو خزانة الدولة من الموال اللازمة لسد الحاجة، ودرء المفسدة.
قال الشاطبي: (والاستقراض إنما يكون في الأزمات) .
• وقال الماوردي: (جاز لولي الأمر إذا خاف الضرر والفساد أن يقترض على بيت المال) ( )
وقد غدا هذا القيد أو الضابط قاعدة شرعية من قواعد الفقه الإسلامي، قال ابن نجيم: (إن تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة) .
• وتعليل هذا الضباط أن القرض العام لا يخلو من آثار ضارة على الاقتصاد تنعكس آثارها على الأجيال القادمة. والضرورات تقدر بقدرها كما يذكر الأصوليون.
• وهذا القيد اعتمده علماء المالية المحدثون. قال الدكتور محمد حلمي مراد: (إن النفقات العامة العادية التي يستدعيها تمكين الأفراد من ممارسة نشاطهم والمحافظة على كيان الدولة الاجتماعي والاقتصادي يجب أن لا تلجأ إلى القروض لتغطيتها، فإن هذه النفقات يجب كأن يتحملها الجيل الحاضر، وليس من العدالة في شئ محاولة إلقائها على عاتق الأجيال المقبلة، خصوصا إذا لاحظنا أن هذه النفقات العادية تتكرر سنويا، ولا يمكن الالتجاء إلى القروض بصفة دورية لسدادها، وبناء على ذلك فإن النفقات الاستثنائية وحدها التي يجوز الالتجاء إلى القروض لمواجهتها على اعتبار أنها نفقات غير متوقعة ، ولا يمكن مواجهتها بالموارد السنوية للميزانية .
• يحدد الفقهاء الالتجاء إلى القروض العامة بضابط ترتيب مصادر الإيرادات فلا تلتجئ الدولة إلى القروض وفي خزانتها من الموارد ما يكفي لدرء الأخطار ودفع الأزمات. فلا تقوم بإجراء الاقتراض إلا بعد استنفاد جميع الموارد المتاحة لبيت المال .
• وفي هذا القيد يقول الإمام الجويني: (فإن كان في بيت المال مال استمدت كفايتها من ذلك المال، وإن لم يكن في بيت المال مال نزلت على أموال كافة المسلمين، فإذا حدث مال تهيأ ما حدث للحوادث المستقبلة) .
• القدرة على السداد بأن يكون لخزينة الدولة دخل ينتظر، لئلا تتراكم الديون فتعجز الدولة عن سدادها مما يؤدي إلى المخاطرة بالأموال ومستقبل الأجيال .
• وإلى هذا القيد أشار الفقهاء كالغزالي والجويني والشاطبي ، قال الشاطبي: (والاستقراض في الأزمات إنما يكون حيث يرجى لبيت المال دخل ينتظر أو يرتجى، وأما إذا لم ينتظر شيء وضعفت وجوه الدخل بحيث لا يغني كبير شيء فلا بد من جريان حكم التوظيف) .
• ترشيد الإنفاق العام. وذلك بالاستغناء بما هو ضروري أو حاجي عن كل ما هو كمالي أو تحسيني. وبعد هذه السياسية في الإنفاق فإن لم تكن فيها سد للثغرة تلجأ الدولة إلى الاستلاف من الأفراد، وذلك لأن القرض ضرورة قاهرة أو مصلحة ملحة كما قدمنا. والضرورة تقدر بقدرها.
• والإمام الماوردي يبين لنا – على وجه التمثيل لا الحصر – ما يمكن للدولة الاستغناء عنه فيقول: (وإن كان مما لا يعم ضرره كوعورة طريق قريب يجد الناس طريقا غيره بعيدا، أو انقطاع شرب يجد الناس شربا غيره، فإذا سقط وجوبه عن بيت المال بالعدم سقط وجوبه عن الكفاة لوجود البدل) .
• أن لا يؤدي الاستقراض إلى ضرر أكبر بالمسلمين. ويكون الضرر – عادة – من القروض الخارجية العامة حيث يعد القرض الخارجي سلاحا بيد الدول الدائنة تتخذ منه ذريعة للتدخل في شؤون البلد المقترض، ووسيلة للحد من حريته.
والواقع في الدول المعاصرة أنها تفضل الاعتماد على القروض الداخلية لأنها – القروض الداخلية – تعد نوعا من إعادة توزيع الدخول، حيث يتخلى المقرضون بصفة مؤقتة عن جزء من القدر الزائد من دخولهم، ثم تعيد الدولة توزيع هذه المبالغ عن طريق الإنفاق العام الذي تقوم به الدولة. كما أن القروض الداخلية لا تؤثر على سعر الصرف، ولا تؤدي إلى الانتقاض من الثروة القومية .
والتطبيقات الإسلامية اعتمدت القروض الداخلية ، وقد سبق معنا من الروايات ما مفادها أن الدولة قد جهزت بعض معاركها من قروض داخلية، أو التجــأت إلى مضاعفة الزكاة على سبيل القرض كما حدث مع العباس بن عبدالمطلب –رضي الله عنه-
واعتمادا على هذه الروايات تأسست أقوال علماء الفكر المالي في الإسلام.
قال الجويني: (والذي يجب التعويل عليه أن كل واقعة وقعت في الإسلام تعين على ملتزمي الإسلام أن يقيموا أمر الله فيها إما بأنفسهم إذا فقدوا من يليهم، أو بأن يتبعوا أمر واليهم، والجملة في ذلك أنه إذا ألمت ملمة واقتضى إلمامها مالا، فإن كان في بيت المال مال استمدت كفايتها من ذلك المال وإن لم يكن في بيت المال مال نزلت على أموال كافة المسلمين) ( ).
والماوردي يقول: (إن النوائب تعين فرضها على المسلمين إذا حدثت) ( ).
وعبارة (تعين) في النصين تدل على القصر والحصر في مال المسلمين، فلا يتعدى إلى القرض الخارجي إلا في حالة الإلجاء والضرورة؛ وأرجو أن لا يكون الاكتفاء بهذه الخلاصة موضحا الخطوط العريضة للقروض العامة.
المؤشر الثالث
إصدار النقود (التمويل التضخمي)
عندما تعجز التشريعات المالية، ومصادر التمويل الأخرى عن مواجهة عجز الموازنة تضطر إلى إصدار كمية من الأوراق النقدية لتغطية العجز. والظروف الطارئة من أزمات وكوارث هي الداعية إلى التجاء لهذه السياسة .
ويقوم البنك المركزي بتقديم وسائل الدفع اللازمة للحكومة كي تتمكن من تأدية نشاطاتها المتعددة مقابل حصوله منها على أذونات خزينة صادرة من السلطة التنفيذية في صورة قرض _ عادة – فيقدم القروض المباشرة للحكومة لمواجهة عجز الميزانية .
وتعرف هذه الأداة التمويلية بـ (التمويل بالتضخم) لأنها تجعل زيادة الطلب الكلي أكثر من العرض الكلي ، فيحصل ارتفاع في الأسعار، وبالمقابل انخفاض في القوة الشرائية .
والملاحظ في الواقع النقدي أن القرض العام بين الحكومة والبنك المركزي آخذ في الازدياد المستمر سنة بعد سنة لأن الحكومات نادرا ما تقوم بتسديد ما بذمتها من ديون إلى الجهاز المصرفي مما يؤدي إلى تضخم حجم مديونيتها الداخلية، وعملية الاقتراض هذه هي عبارة عن إصدار نقدي جديد، وبتكرار الاقتراض هذا تتسع فجوة عجز الميزانية .
وقد جوبهت هذه الأدلة التمويلية بمعارضة من قبل أنصار الفكر التقليدي بسبب الآثار السلبية الناتجة عنها ولمخلفتها مبدأ التوافق التلقائي ، والقوانين الطبيعية الضامنة للتوازن العام بين فعاليات العملية الاقتصادية ، فالعرض بطبعته وتلقائيته الرتيبة يوجد الطلب المساوي له دائما ، ولا يكون ذلك إلا بضمان حرية المنافسة وانتقال عناصر الإنتاج بعفوية مسترسلة عبر عنها أدم سميث بـ (اليد الخفية).
والتدخل من قبل الدولة يفسد هذه التلقائية ويخل بالتوازن العام للفعاليات الاقتصادية ، والإصدار النقدي ضرب من ضروب تدخل الدولة .
والنظرية الكينزية التي جاء بها جون ميتر كينز الثائر الاقتصادي الجرئ التي تعد نظرياته فاتحة تأريخ مهم في تطور الفكر الاقتصادي الرأسمالي الحر والاقتراب به من الاقتصاد المخطط . هذه النظرية قد أقرت ودعت إلى تدخل الدولة في إصدار النقود لرفع الطلب الفعلي فتنتج عنه زيادة في النفقات العامة فيزداد الطلب على الاستهلاك فتتحرك الأموال نحو الاستثمار فزيادة الإنتاج فالقضاء على البطالة وعجز الموازنة في الدولة .
وقد انتقدت هذه النظرية لأكثر من مبرر سلبي ولسنا بسبيل تفصيلات ذلك .
ولكن أبلغ انتقاد واقعي هو أن خطة كيتر التي حققت نجاحا عاليا في ألمانيا نجدها تخفق في نجاحها في إندونيسيا ومع ذلك فالواقع يعترف بالتطبيق العملي في إصدار النقد لمواجهة مشكلة العجز ولو كانت هذه المواجهة غير دائمة . فما موقف الإسلام من ذلك.
موقف الاقتصاد الإسلامي:
أمام ما تقدم نتبين الآن موقف الاقتصاد الإسلامي من هذه الأداة باعتبارها مصدرا من مصادر التمويل لمواجهة عجز الموازنة . من بديهيات القول أن التشريع الإسلامي قائم في أحكامه على المصلحة ويهدف إليها . ومن فروع هذه المصلحة : يقرر الفقهاء – بخصوص الإصدار النقدي – أنه منحصر في الدولة ولا يحق للأفراد إصدار النقود ، قال الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله – : لا يصلح درب الدراهم إلا في دار الضرب بإذن السلطان ، لأن الناس إن رخص لهم ركبوا العظائم) .
وقال السيوطي : (ولأنه لا يؤمن فيه من الغش والفساد) .
وعلى فرض خلو النقود من الغش والفساد فإن الفقهاء جعلوا ضربها خارج حدود سلطة الدولة ممنوعا شرعا لما فيه من الافتيات على صلاحيات الدولة .
ومن فروع المصلحة : تجاوز الأضرار الناتجة من الإصدار المسبب تتضخم المعرقل للتنمية الاقتصادية فلا بد من تحقيق التوازن في عملية إصدار النقود بين كمية النقود المعروضة للتداول والطلب عليها بما لا يؤدي إلى التضخم أو الانكماش الذي يضر باقتصاديات الدولة وبالمراكز المالية للإفراد والمشروعات ويجد هذا التحليل سنده في القاعدة الفقهية المشهورة (تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة) .
مقترحات لتجاوز آثار التضخم:
لا يخلو الإصدار النقدي من آثار ضارة – كما تقدم معنا – وكذلك لا يخلو من فوائد مرجوة ضمن إطار سياسات معينة نقدمها بهذين النموذجين:
النموذج الأول : اعتماد زيادة سنوية في عرض النقود تتناسب مع معدل النمو الحقيقي للدخل العام.
حدد هذا النموذج الإصدار النقدي بمستوى حد الأمان بحيث يتناسب بالإصدار مع معدل النمو الحقيقي وذلك لتلافي أضرار التضخم.
ومستوى حد الأمان يتمثل في ربط الزيادة في الإصدار النقدي بنسبة الزيادة في الإنتاج الفعلي . فإذا بلغت الزيادة في الإنتاج الوطني 4% – مثلا – يمكن زيادة عرض النقد بنسبة 4% أيضا ومثل هذا الإجراء لا يؤدي إلى تضخم يحول دون التنمية السليمة ، لأن زيادة النقود ستكون مطلوبة في هذه الحالة وتقوم بوظيفتها بطلب حقيقي تقتضيه زيادة الإنتاج .
النموذج الثاني : ربط عملية الإصدار النقدي بإقامة المشروعات الإنتاجية.
لأن زيادة الإنتاج من عوامل استقرار قيمة النقد وهذا الاستقرار يحافظ على مستوى الأسعار ، ويحول دون حدوث التضخم وفي التطبيقات الإسلامية نجد سياسة تنمية المشروعات الإنتاجية من إيرادات المشروعات نفسها وهي إيرادات تدعم مالية الدولة ولا تؤدي إلى تضخم كما في عملية الإصدار النقدي ، مما يؤكد لنا بدلالة القياس الجلي أن ربط عملية الإصدار النقدي بإقامة المشروعات الإنتاجية وتنميتها من باب أولى.
وللتمثيل على سياسة التنمية هذه قول قاضي القضاة أبي يوسف : (ورأيت أن تأمر عمال الخراج إذا أتاهم قوم من أهل خراجهم فذكروا لهم أن في بلادهم أنهارا عادية قديمة ، وأرضين كثيرة غامرة ، وأنهم إن استخرجوا لهم تلك الأنهار واحتفروها ، وأجرى الماء فيها عمرت هذه الأرضون الغامرة ، وزاد في خراجهم، ورأى أهل الخبرة والبصيرة أن في ذلك صلاحا وزيادة في الخراج أمرت بحفر تلك الأنهار وجعلت النفقة ومن بيت المال) .
ويقترح بعض الباحثين بأن تكون هذه المشروعات مما ينتج من السلع الاستهلاكية التي يزيد الطلب علبها ، فالمشروعات ذات الإنتاج السريع والعائد المرتفع ، والتي لا يحتاج إنتاجها إلى وقت طويل ، من أثارها الإيجابية استقرار الأسعار وعدم حدوث التضخم .
وفي ختام هذا المؤشر أرجو أن يفي الاختصار بما هو مطلوب من البحث في هذا الموضوع الطويل الشائك .
والحمد لله أولا وآخرا.
الخاتمة وأهم النتائج
اسلمتنا المباحث المتقدمة إلى بعض المعالجات المنوطة بالسياسة الشرعية لمواجهة عجز الموازنة ، وجاءت مؤشرات مختصرة متسلسلة وفق الآتي :
1) التوظيف (الضرائب العادلة) وقد بدا لنا أن التكيف الفقهي لهذه المعالجة يقوم على المصلحة العامة التي هي واحدة من كبريات أهداف التشريع الإسلامي ، وقد جاءت المصلحة مدعومة بما طبقه فقهاؤنا الكبار بخصوص هذه المعالجة ، ثم بدى لنا أن التوظيف محصور بدرجة قصوى من الاستثناء للملكية الخاصة من احترام في الشريعة لذا جاءت سياسة التوظيف محاطة بضمانات عديدة مثلت الشروط الواجب توافرها في السماح للدولة لممارسة هذا الإجراء الضريبي . ولما كانت هذه الضرائب محددة الأهداف فأنها لم تحدد بوعاء معين ولا مقدار كمي أو نسبي وإنما بما تندفع به الأزمة ، وتقوم به الحاجة ، وتعرض البحث أخيرا في هذا الجانب إلى مصارف التوظيف ، وأهم القواعد الكلية التي تحكمه.
2) القروض العامة ، وهي ما تستلفه الدولة من أغنياء البلد أو من دولة أخرى ، واستبعد البحث القروض الدولية لما تتضمنه من سلبيات لا تقل عن مشكلة عجز الموازنة ولا يداوى الداء بالداء ، والقروض حاجة أو ضرورة قاهرة فلابد إذا أن تقدر بقدرها فجاءت مباحث هذا المؤشر تبين الدواعي لهذه القروض ، والضوابط الشرعية العامة.
3) إصدار النقود (التمويل التضخمي) ولا تخلو هذه الأدلة المعالجة لعجز الموازنة من سلبيات بقدر ما فيها من إيجابيات والبحث إنما ركز على الإيجابيات باقتراح نموذجين يمكن بهما ترشيد هذه الأداة وتجاوز مايحوطها من أضرار.
وقد تعرض البحث لنظريات الاقتصاد الكلاسيكي وموقفه السلبي من الإصدار النقدي باعتباره تدخلا في التقائية الرتيبة لآلية العرض والطلب غاضا النظر عن إيجابيات هذه الأداة . والاقتصاد الإسلامي مع تركيزه على هذه الإيجابيات ينظر إلى أن هذه السياسة التمويلية لا تعدو أن تكون مرحلية اقتضتها ضرورات وهي تقدر بقدرها.
هذا ولله الحمد في المبتدأ والمنتهى
وصلى الله وسلم علي النبي الخاتم وآله وصحبه أجمعين؛؛
مسرد المصادر والمراجع
1. الأحكام السلطانية لأبي يعلى الفراء (محمد بن الحسين) طبعة البابي الحلبي، القاهرة ، 1357هـ.
2. الأحكام السلطانية للما وردي (أبي الحسن علي بن محمد بن حبيب ) طبعة البابي الحلبي الثاني 1966م.
3. الأشباه والنظائر ، ابن نجيم (زيد العابدين بن إبراهيم) ت : د.عبد العزيز محمد الوكيل، مؤسسة الحلبي القاهرة ، 1968م.
4. اشتراكية الإسلام ، مصطفى السباعي ، الدار القومية للطباعة ، دمشق ، ط2 ، عام 1960.
5. الإصلاح النقدي د. ضياء مجيد الموسوي ، دار الفكر ، الجزائر ، 1993م.
6. الاعتصام ، الشاطبي (أبو إسحاق إبراهيم بن موسى) دار المعرفة ، بيروت.
7. الاقتصاد السياسي د. ابر اد عبد الرحمن ، مطبعة التفيض الأهلية ، بغداد.
8. الاقتصاد – مقدمة تحليلية – ب . أ. ساملسون ، ترجمة ت . صلاح الدين نامق و د. حسين عمر ، مكتبة النهضة المصرية ، القاهرة ، عام 1953م .
9. اقتصاديات المالية العامة ، د. عادل فليح العلي ، دار كتاب ، جامعة الموصل ، جامعة العراق ، 1989م
10. تفسير المنار ، محمد رشيد رضان دار المعرفة بيروت ، ط2.
11. توازن الموازنة العامة ، الدكتور . عاصم بشور . مطبعة جامعة دمشق ، ط1 ،عام 1984م.
12. جامع أحكام القرآن ، القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد) مناهل العرفان ، بيروت.
13. حاشية السوقي على الشرح الكبير ، السوقي (محمد عرفة) دار إحياء الكتب العربية (مطبعة البابي الحلبي).
14. الحاوي للفتاوى ، السيوطي (جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر ) دار الكتب العلمية، بيروت ، ط2 ، 1975م.
15. الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده ، د. فتحي الدريني ، مؤسسة الرسالة ، ط2 ، 1977م.
16. دراسات في المالية العامة ، د. محمد وديع بدوي ، دار المعارف ، مصر ، عام 1966م.
17. الدوحة المشتبكة في ضوابط دار السكة ، أبو الحسن علي بن يوسف الحكيم ، حققه : . حسين مؤنس ، ط معهد الدراسات الإسلامية ، مدريد ، 1960م.
18. دورة الموازنة العامة ومشكلاتها في الدول النامية ، د. علي العربي ، المنظمة العربية للعلوم الإدارية ، ط1 ، 1986م.
19. الرقابة في الاقتصاد الإسلامي ، د. عمر عبد العزيز العاني ، أطروحة ، ماجستير غير منشورة ، جامعة بغداد كلية العلوم الإسلامية ، 1993م.
20. روضة الطالبين وعمدة المتقين ، النووي (أبو زكريا يحي بن شرف) المكتب الإسلامي ، بيروت ، 1985م.
21. سنن ابن ماجة (ابو عبد الله محمد بن يزيد القزويني) بشرح السندي ، ت : خليل مؤمون شيما ، دار المعرفة ، بيروت ، 1996م.
22. سنن أبي داود (سليمان بن الأشعث السجستاني) ت: عزت عبيد الدعاس ، ط (1) حمص 1971م.
23. سنن الترمذي (محمد بن عيسى بن سورة) ت : عبد الرحمن محمد عثمان ، دار الفكر ، بيروت ، ط2 – 1983م.
24. سنن الدار قطني (علي بن عمر ) عالم الكتب . بيروت ، ط4 ،1986م.
25. سياسة الإنفاق العام في الإسلام وفي الفكر المالي الحديث ، د. عوف محمود الكفراوي ، مؤسسة شباب الجامعة ، الإسكندرية 1989م.
26. شرح النووي ، على صحيح مسلم ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ط (1) 1992م.
27. شفاء الغليل في بيان الشبه والمخيل ومسالك التعليم ، بو حامد محمد الغزالي ، ت د.حمد الكبيسي ، منشورات وزارة الأوقاف العراقية ، بغداد ، ط(1) عام 1970م.
28. الصحاح للجوهري (إسماعيل بن حماد) دار العلم للملايين ، بيروت ، ط(2) عام 1979م.
29. صحيح البخاري (أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري) ت: أحمد محمد شاكر ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.
30. صحيح مسلم (أبو الحسن محمد بن الحجاج) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ط(2).
31. عجز الموازنة وعلاجه في الفقه الإسلامي ، د. حسين راتب يوسف ريان دار النفائس، ط (1). 1999م.
32. الغياثي (غياث الأمم في التياث الظلم) لإمام الحرمين ابن المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني ، ت:د. عبد العظيم الديب ، ط : الشؤون الدينية ، قطر ، 1400هـ.
33. فتح البارى بشرح صحيح البخارى , لابن حجر العسقلانى (احمد بن على بن محمد) ت: عبد العزيز بن باز ,دار الفكر,بيروت.
34. فقه التوظيف عند الإمام الجوينى ,د.رفعت السيد العوضى ,بحث منشور فى ندوة (الذكرى الألفية الإمام الحرمين الجوينى ) المنعقدة في دولة قطر من 6-8 أبريل .عام 1999 م نشر كلية الشريعة وجامعة قطر .
35. القاموس المحيط ,للفيروز ابادى (مجد الدين محمد بن يعقوب) ,دار الجيل ,المؤسسة العربية للطباعة ,بيروت
36. القيود الوارد على الملكية الفردية د:عبد الكريم زيدان ,عمان ,ط(1) عام 1982م
37. لسان العرب ,الابن منظور (أبى الفضل محمد بن مكرم ) دار صادر ,بيروت .
38. لماذا المصارف الإسلامية ,د: محمد نجاة صديقى بحث فى كتاب قراءات في الاقتصاد الإسلامي ,منشورات جامعة الملك عبد العزيز. جدة ,عام 1987م.
39. مالية الدولة ,د: محمد حلمي مراد ,نهضة مصر ,الفجالة ,ط()عام 1964م.
40. مبادئ المعرفة الاقتصادية , د: حسين عمر ,دار السلاسل ,الكويت ,ط(1)بيروت عام 1983م.
41. المحلى ,لابن حزم (على بن احمد سعيد ) ت:احمد محمد شاكر ,دار الفكر , ط(1) بيروت.
42. مختار الصحاح ، للرازي (محمد بن بكر بن عبد القادر) دار الرسالة ، الكويت ، 1983م.
43. المذاهب الاقتصادية الكبرى ، جورج سول ، ترجمة : د. راشد البراوي ، مكتبة النهضة المصرية (44) – المستدرك على الصحيحين ، للحاكم (أبي عبد الله محمد بن عبد الله) درا المعرفة ، بيروت.
44. المستصفي من علوم الأصول، للغزالي (أبي حامد محمد بن محمد) المكتبة التجارية الكبرى ، مصر ، ط (1) عام 1937م .
45. المسلم في عالم الاقتصاد ، مالك بن بني ، دار الشروق .
46. مسند الإمام أحمد بن حنبا ، شعيب الأرناؤوط ، مؤسسة الرسالة ، ط (1) 1994م.
47. مشكلات تمويل التنمية الاقتصادية في البلاد المتخلفة. د. حمدية زهران ، دار النهضة العربية ، ط(1) 1971م.
48. المقدمة ، عبد الرحمن بن خلدون ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ط(4).
49. الموارد المالية في الإسلام ، د. عابدين أحمد سلامة ، بحث مقدم إلى ندوة موارد الدولة المالية من وجهة النظر الإسلامية ، القاهرة ، من منشورات البنك الإسلامي للتنمية، جدة ، 1986م.
50. الموازنة العامة للدولة ، د. قطب إبراهيم محمد ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، ط (3) ، 1987م.
51. الموافقات للشاطبي (إبراهيم موسى) ، تعليق : عبد الله دراز ، دار المعرفة ، بيروت.
52. موجز في المالية العامة ، د. عبد العال الصكبان ، شركة الطبع الأهلية ، بغداد ، ط (1) 1963م.
53. الموسوعة الفقهية ، إصدار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، الكويت ، ط (1).
54. نحو نظام نقدي عادل د. محمد عمر شابرا ، ترجمة : سيد محمد سكر ، المعهد العالمي للفكر الإسلامي ، فرجينيا ، أمريكا ، ط (1) 1987م.
55. النظم الاقتصادية في العالم ، د. أحمد شلبي ، مكتبة النهضة المصرية ، ط (7) ، 1976م.
56. الوجيز في أصول الفقه ، د. عبد الكريم زيدان ، مؤسسة الرسالة ، ط (7) ، 2000م.
57. الوظيفة الاقتصادية للدولة في التشريع الإسلامي ، د. عبد اللطيف هميم ، رسالة دكتوراه من كلية الشريعة ، جامعة بغداد ، 1989.